للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومن هذا الحديث تعلم مدى تبليغه صلى الله عليه وسلم للسنة، حيث كان ذلك البيان كله فى مجلس واحد، فما بالك ببقية المجالس فى سائر الأيام؟!.

... ثم إنه صلى الله عليه وسلم لم يكتف بذلك، بل كلف كل من يسمع عنه شيئاً أن يبلغه إلى من وراءه ليعم بلاغه الأمة فى كل زمان ومكان، ليعملوا بما بلغهم من سنته فى كل ما كلف به بنو الإنسان من أمور الدين والدنيا.

... فقال عليه الصلاة والسلام: "بلغوا عنى ولو آية، وحدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج، ومن كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" (١) ورغبهم عليه الصلاة والسلام فى ذلك وشجعهم عليه بقوله: "نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" (٢) .

... وهكذا أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجب التبليغ تارة بالعبارة، وتارة بالكتابة، وتارة بالحث على إبلاغ من لم يبلغه، لا يألو جهداً، ولا يدخر وسعاً فى إيصال رسالة الله التى حملها إلى كل من يستطيع إيصالها إليه، تنفيذاً لواجب البلاغ الذى تحمله بمقتضى رسالته، وتنفيذاً لأوامر الله تعالى فى ذلك، كقوله سبحانه: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} (٣) فبلغ البلاغ المبين منذ أن بعثه الله تعالى إلى أن أتاه اليقين، وقد شهد له بالعصمة فى هذا البلاغ القرآن الكريم، والسنة المطهرة، وإجماع الأمة، وإليك تفصيل تلك الشهادات.


(١) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الأنبياء، باب ما ذكر عن بنى إسرائيل ٦/٥٧٢ رقم ٣٤٦١ من حديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنه
(٢) سبق تخريجه ص١٦.
(٣) الآية ٦٧ المائدة.

<<  <   >  >>