للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ولقد جاءت الآيتان بأسلوب القصر عن طريق النفى والاستثناء، والفعل إذا وقع فى سياق النفى دل على العموم، وهذا واضح فى إثبات أن كلامه صلى الله عليه وسلم محصور فى كونه وحياً لا يتكلم إلا به وليس بغيره (١) وفى هذا دليل واضح على عصمته صلى الله عليه وسلم، فى كل أمر بلغه عن ربه من كتاب وسنة، فهو لا ينطق إلا بما يوحى إليه من ربه، ولا يقول إلا ما أمر به فبلغه إلى الناس كاملاً من غير زيادة ولا نقصان، وهذه شهادة وتزكية من الله عز وجل لنبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم فى كل ما بلغه للناس من شرعه تعالى.

د- وقال عز وجل: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً} (٢) فهذه الآيات من جملة الآيات المادحة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، والشهادة بعصمته فى كل ما يبلغ عن ربه عز وجل. وحكم "كاد" فى الآيات حكم سائر الأفعال، فمعناها: منفى إذا صحبها حرف نفى، وثابت إذا لم يصحبها، فإذا قيل كاد زيد يبكى، فمعناه: قارب البكاء، فمقاربة البكاء ثابتة، وإذا قيل: لم يكد يبكى، فمعناه: لم يقارب البكاء، فمقاربته منفية، ونفسه منتف انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة" (٣) والشرط فى الآيات على فرض الإمكان، لا على فرض الوقوع، والمعنى: لولا ثبوت تثبيتنا إياك، لقد قاربت أن تميل إليهم شيئاً يسيراً من أدنى الميل، لكن امتنع قرب ميلك وهواك لوجود تثبيتنا إياك.


(١) ينظر: تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص٥٥، والمدخل إلى السنة النبوية للدكتور عبد المهدى عبد القادر ص٤٧، ٤٨.
(٢) الآيات ٧٣ – ٧٥ الإسراء.
(٣) شرح الزرقانى على المواهب ٩/٥٢.

<<  <   >  >>