للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فتأمل كيف بدأ بثباته وسلامته بالعصمة، قبل ذكر ما عتبه عليه، وخيف أن يركن إليهم، على فرض الإمكان، لا على فرض الوقوع. وتأمل كيف جاء فى أثناء عتبه – إن كان ثم عتب – براءته، وفى طى تخويفه تأمينه وكرامته.

... وبالجملة: فسياق الآيات بين واضح فى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركن إليهم أبداً، وإلا لأنزل الله به من العقوبة ما ذكره فى هذه الآيات، وحيث إن رسول الله لم يقع له شئ من ذلك، فلم يعذبه ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الممات، ولم يتخلى عنه طرفة عين، كما تشهد بذلك سيرته العطرة، دل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم، لم يتقول على ربه مالم يقله، ولم يفتر شيئاً من عند نفسه، وبهذا تثبت عصمته فى كل ما بلغه عن ربه من وحى الله تعالى قرآناً وسنة.

قال القاضى عياض: "فى الآية دليل على أن الله تعالى امتن على رسوله بعصمته وتثبيته بما كاده به الكفار، وراموه من فتنته، ومرادنا من ذلك تنزيهه وعصمته صلى الله عليه وسلم وهو مفهوم الآية" (١) .

هـ- وقال سبحانه: {من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً} (٢) .


(١) الشفا ٢/١٢٩ وينظر: محمد مفخرة الإنسانية لمحمد فتح الله كولن ٢/٢٢٥.
(٢) الآية ٨٠ النساء.

<<  <   >  >>