للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ز- وقال تعالى: {وما هو على الغيب بضنين} (١) ففى هذه الآية الكريمة يزكى رب العزة نبيه، ويشهد له بالعصمة فى بلاغ الوحي، فقوله "بضنين" قرأت بالظاء، أى: ما هو على ما يخبر به من الوحي إليه، وغيره من الغيوب، بمتهم، وقرأت بالضاد "بضنين" من الضن: وهو البخل، أى: لا يبخل بالتعليم والتبليغ (٢) بل يبذله لكل أحد، كما قال قتادة: كان القرآن

غيباً، فأنزله الله تعالى على محمد، فما ضن به على الناس، بل نشره وبلغه، وبذله لكل من أراده، قال الحفاظ ابن كثير: وكلاهما متواتر، ومعناه صحيح (٣) .

ح- وقال سبحانه: {فتول عنهم فما أنت بملوم} (٤) فهذه شهادة من رب العزة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالبلاغ المبين وعصمته فيه، حيث أباح لنبيه الإعراض عن المشركين، وأخبر أنه غير ملوم فى إعراضه عنهم، وما ذاك إلا لأنه أدى لهم الرسالة، وبذل معهم غاية الجهد، بحيث إنهم اعترفوا بذلك فى قولهم كما حكاه رب العزة عنهم: {أهذا الذى بعث الله رسولا إن كان ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها} (٥) .

... قال الإمام الزمخشرى: "قولهم إن كاد ليضلنا دليل على فرض مجاهدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى دعوتهم، وبذل قصارى الوسع والطاقة فى استعطافهم، مع عرض الآيات والمعجزات عليهم، حتى شارفوا بزعمهم أن يتركوا دينهم إلى دين الإسلام، لولا فرط لجاجهم، واستمساكهم بعبادة آلهتهم" (٦) .


(١) الآية ٢٤ التكوير.
(٢) أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوى ٥/٢٩٠، ٢٩١.
(٣) تفسير القرآن العظيم ٨/٣٦٢، وينظر: النبأ العظيم للدكتور محمد دراز ص٢٤ – ٢٧.
(٤) الآية ٥٤ الزاريات.
(٥) الآيتان ٤١، ٤٢ الفرقان.
(٦) الكشاف ٣/٩٣.

<<  <   >  >>