للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قال: ولو كان ذلك لنقل كما نقل من قصته صلى الله عليه وسلم عما أشار به على الأنصار فى تلقيح النخل (١) وكان ذلك رأياً لا خبراً" يعنى فلا يدخله الصدق والكذب إلى أن قال: "فانقطع عن يقين بأنه لا يجوز على الأنبياء خلف فى قول أو فعل فى وجه من الوجوه لا بقصد، ولا بغير قصد، ولا تسامح فى تجويز ذلك عليهم حال السهو فيما ليس طريقه البلاغ" (٢) .

... قلت وما قاله القاضى عياض هو الذى أَدين لله تعالى به فى أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها؛ فقد كانت جميع أقواله وأفعاله المتعلقة بأمور الدنيا، وأحوال نفسه الشريفة تشريعاً تقتضى المتابعة والاقتداء، وعلى ذلك سلفنا الصالح من الإيمان بعصمته فى أحواله كلها، ولهذا كانوا يسارعون إلى التأسى به. والأمثلة على ذلك كثيرة ومعلومة منها ما يلى:

١- حرصهم على مضاهاته صلى الله عليه وسلم فى العبادة، كما فى قصة وصاله صلى الله عليه وسلم ورغبة بعض الصحابة

الوصال نحوه، على ما بين وصاله صلى الله عليه وسلم، ووصالهم من الفرق؛ حيث إنه صلى الله عليه وسلم إذا واصل يطعمه ربه ويسقيه بخلافهم، ومع ذلك فحرصوا على التأسى به فيه.


(١) يشير إلى ما أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب وجوب امتثال ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم شرعاً دون ما ذكره من معايش الدنيا على سبيل الرأى ٨/١٢٨ رقم ٢٣٦٣ من حديث أنس وعائشة رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون، فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصاً – يعنى تمراً رديئاً – فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ فقالوا: قلت: كذا وكذا، فقال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" وسيأتى مزيد من بيان المراد بهذا الحديث فى شبهة أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم يؤيد أن السنة النبوية ليست كلها وحى ص٤١٢.
(٢) الشفا ٢/١٣٦ بتصرف يسير، وينظر: المنهاج شرح مسلم ٣/٧٣ رقم ٥٧٤.

<<  <   >  >>