للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. ومن ذلك ما روى عندما أبطأ جبريل عليه السلام، فى النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نزل (١) فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا جبريل! ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزرنا؟ فنزلت: {وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا} (٢) ومن ذلك أيضاً، فترة الوحي فى قصة الإفك، على ما سبق شرحه فى عصمته صلى الله عليه وسلم فى تبليغ الوحي (٣) .

سابعاً: النبوة ليست أمراً كسبياً يناله المرء بسعيه وكسبه، ولا تخضع لجهد فكرى، أو ترقى روحى وأخلاقى، ولا تنال بالقيم الدنيوية، ولا الاعتبارات المادية، فليست باباً مفتوحاً يلج من خلاله من سمت نفسه، أو عظم إشراقه، بل هى اصطفاء إلهى يختص به من يشاء من عباده. قال تعالى: {الله أعلم حيث يجعل رسالته} (٤) وقال سبحانه: {والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} (٥) وقد حكى الله عن المشركين عندما قالوا: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} (٦) أجابهم رب العزة بقوله: {أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ورحمة ربك خير مما يجمعون} (٧) .


(١) ينظر: الآثار المروية فى ذلك عن عكرمة، ومجاهد، وابن عباس، فى جامع البيان للطبرى ١٦/١٧، وقد ذكرها ابن كثير فى تفسيره ٥/٢٤٤.
(٢) الآية ٦٤ مريم، والحديث أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب التوحيد، باب قوله تعالى: {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين} ١٣/٤٤٩ رقم ٧٤٥٥، وكتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة ٦/٣٥٢ رقم ٣٢١٨، وكتاب التفسير، باب {وما نتنزل إلا بأمر ربك} ٨/٢٨٢ رقم ٤٧٣١ من حديث ابن عباس رضى الله عنهما.
(٣) يراجع: ص٢٧٥.
(٤) جزء من الآية ١٢٤ الأنعام.
(٥) الآية ١٠٥ البقرة.
(٦) الآية ٣١ الزخرف.
(٧) الآية ٣٢ الزخرف.

<<  <   >  >>