للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفى ذلك يقول الإمام الشاطبى رداً على دعوى مخالفة الرجم للقرآن الكريم يقول: "قولهم (١) هذا مخالف لكتاب الله عز وجل، لأنه قضى صلى الله عليه وسلم بالرجم والتغريب (٢) وليس للرجم ولا للتغريب فى كتاب الله ذكر، فإن كان الحديث باطلاً فهو ما أردنا، وإن كان حقاً فقد ناقض كتاب الله بزيادة الرجم والتغريب. يقول الشاطبى: فهذا اتباع للمتشابه، لأن الكتاب فى كلام العرب، وفى الشرع يتصرف على وجوه منها: الحكم والفرض كقوله تعالى: {كتاب الله عليكم} (٣) أى فرض الله عليكم وقوله: {كتب عليكم الصيام} (٤) أى فرض عليكم، وكذا قوله {وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال} (٥) فكان المعنى: "لأقضين بينكما بكتاب الله" أى بحكم الله وفرضه الذى شرع لنا، ولا يلزم أن يوجد هذا الحكم فى القرآن، كما أن الكتاب يطلق على القرآن، فتخصيصهم الكتاب بأحد المحامل من غير دليل اتباع لما تشابه من الأدلة" (٦) .


(١) يحكى الإمام هذا الكلام عن أهل الابتداع قديماً، وحديثاً تابعهم من سبق ذكرهم ص٣٣٩، ٣٤٠.
(٢) إشارة إلى قوله صلى الله عليه وسلم، لوالد الزانى بامرأة الرجل الذى صالحه على الغنم والخادم: "والذى نفسى بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد. وعلى ابنك، جلد مائة، وتغريب عام" أخرجه من حديث أبى هريرة وزيد بن خالد الجهنى، مسلم (بشرح النووى) كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا ٦/٢١٤ رقمى ١٦٩٧، ١٦٩٨، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الحدود، باب الاعتراف بالزنا ١٢/١٤٠ رقمى ٦٨٢٧، ٦٨٢٨.
(٣) جزء من الآية ٢٤ النساء.
(٤) جزء من الآية ١٨٣ البقرة.
(٥) جزء من الآية ٧٧ النساء.
(٦) الاعتصام ١/١٩٩، ٢٠٠، ٢/٥٥٨، ٥٥٩، وينظر: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص٨٨ – ٩٠، وضلالات منكرى السنة للدكتور طه حبيشى ص٢٩٥.

<<  <   >  >>