للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وكذلك حد الردة الذى يزعمون أنه يناقض القرآن الكريم تجد أصله فى كتاب الله عز وجل، وتأمل قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فساداً أن يقتلوا} (١) والمحاربة والإفساد يكون باليد وباللسان، بل إن محاربة الله ورسوله باللسان أشد، والسعى فى الأرض لفساد الدين باللسان أوكد، ومن هنا كان المرتد عن دين الإسلام، المحارب لله ورسوله، أولى باسم المحارب المفسد من قاطع الطريق. ويؤيد أن المحارب لله ورسوله باللسان قد يفسر بالمحارب قاطع الطريق، ما رواه أبو داود فى سننه مفسراً لقوله صلى الله عليه وسلم: "التارك لدينه المفارق للجماعة" (٢) عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث، رجل زنى بعد إحصان، فإنه يرجم، ورجل خرج محارباً لله ورسوله، فإنه يقتل أو يصلب، أو ينفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيقتل بها" (٣) .

ويؤيد أن المرتد عن دين الإسلام، المشكك والطاعن فى كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، محارب لله ورسوله، وتشمله الآية الكريمة ما روى عن أنس، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم. أن آية المحاربة نزلت فى قوم عرينة: سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله.


(١) الآية ٣٣ المائدة.
(٢) عن ابن مسعود مرفوعاً: "لا يحل دم امرئ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأنى رسول الله، إلا بإحدى ثلاث، الثيب الزانى، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة" أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب القسامة، باب ما يباح به دم المسلم ٦/١٧٩ رقم ١٦٧٦، والبخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الديات، باب قوله تعالى: "أن النفس بالنفس" ١٢/٢٠٩ رقم ٦٨٧٨.
(٣) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الحدود، باب الحكم فيمن ارتد ٤/١٢٦ رقم ٤٣٥٣، ورجاله كلهم ثقات فالإسناد صحيح.

<<  <   >  >>