للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. رحمة للأمة بتأسيس أعظم قاعدة للحكم الإسلامى، وهى التزام الشورى، وترك الاستبداد. ويؤيد هذا ما جاء عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: "لما نزلت {وشاورهم فى الأمر} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن جعلها الله رحمة لأمتى فمن استشار منهم لم يعدم راشداً، ومن تركها لم يعدم غياً" (١) .

... قال الإمام ابن جرير: "إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشورة أصحابه فيما حزبه من أمر عدوه، ومكايد حربه، تألفاً منه بذلك من لم تكن بصيرته بالإسلام؛ البصيرة التى يؤمن عليها معها فتنة الشيطان، وتعريفاً منه أمته فى الأمور التى تقع بهم من بعده وحلها، ليقتدوا به فى ذلك عند النوازل التى تنزل بهم فيتشاوروا فيما بينهم، كما كانوا يرونه فى حياته صلى الله عليه وسلم يفعله، فأما النبى صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى كان يعرفه مطالب وجوه ما حزبه من الأمور بوحيه وإلهامه إياه صواب ذلك، وأما أمته فإنهم إذا تشاوروا مستنين بفعله صلى الله عليه وسلم فى ذلك على تصادق وتآخ للحق، وإرادة جميعهم للصواب، من غير ميل إلى هوى، ولا حيد عن هدى، فالله مسددهم وموفقهم" (٢) .

... ويؤيد ما سبق ما روى عن الحسن البصرى قال: "قد علم أنه ليس به إليهم حاجة، وربما قال: ليس له إليهم حاجة، ولكن أراد أن يستن به من بعده" (٣) .


(١) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان ٦/٧٦ رقم ٧٥٤٣، ونقله الشوكانى فى فتح القدير ١/٣٩٥ ونقل عن السيوطى تحسينه.
(٢) جامع البيان ٤/١٥٣ بتصرف يسير.
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٣/٨٠١ رقم ٤٤١٦ وقال الحافظ فى: فتح البارى، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول الله تعالى {وأمرهم شورى بينهم} ١٣/٣٥٢ سند ابن أبى حاتم حسن، وينظر: تلخيص الحبير ٤/٤٧١.

<<  <   >  >>