للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. والتحقيق: أنه من الخطأ أن نطلق هذا الإطلاق "السنة غير التشريعية" على ما سموه الحاجة البشرية أو الأفعال الجبلية، أو ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم، بوصفه إماماً ورئيساً للدولة المسلمة، أو بوصفه قاضياً فكل هذه الأمور التى أطلقوا عليها، سنة غير تشريعية، منها الواجب شرعاً، ومنها المحرم شرعاً، ومنها المكروه، ومنها المندوب، ومنها المباح، وحتى إذا أردنا كيفية هذه الأمور نجد منها الممنوع شرعاً، كما سبقت الإشارة إليه قريباً.

... أما القائلون بالمصلحة كمصدر من مصادر التشريع فقد اشترطوا لها ألا تصادم نصاً من الكتاب أو السنة الصحيحة، فهم أخذوا بمراعاة المصالح فيما لم يرد فيه قرآن أو حديث صحيح، أما ما ورد فيه قرآن أو حديث صحيح فالمصلحة فيما جاء به النص (١) .

... واعتقد كما قال الدكتور فتحى عبد الكريم. "أن القائلين بالسنة التشريعية، والسنة غير التشريعية قد فاتهم المعنى الدقيق للتشريع الإسلامى، حيث قصر بعضهم وصف التشريع على الواجب، والحرام، ونفاه عن المندوب والمكروه، والمباح، وأدخل بعضهم المندوب والمكروه فى التشريع، ونفاه عن المباح وحده" (٢) .

... وفى ذلك يقول العلامة الدكتور عبد الغنى عبد الخالق – رحمه الله: "هذا وإخراج الأمور الطبيعية من السنة أمر عجيب، وأعجب منه: أن يدعى بعضهم ظهوره، مع إجماع الأمة المعتبرين على السكوت عنها، وعدم إخراجها. ولست أدرى: لم أخرجها هؤلاء؟! أأخرجوها: لأنها لا يتعلق بها حكم شرعى؟.


(١) وفى هذا رد مختصر على الدكتور النمر، حيث حرم "السلم" بحجة أنه يتعارض مع مصلحة الناس. يراجع نص كلامه السابقة ص٤١٥.وينظر: السنة والتشريع للدكتور موسى شاهين ص٢٢ – ٢٤.
(٢) السنة تشريع لازم ودائم ص٤٤، وينظر: دراسات فى السنة للدكتور محمد المنسى ص٢٢٨.

<<  <   >  >>