للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. قال أبو شامة (١) : "ولهذا اعتنى الرواة بنقل تفاصيل أحواله فى ذلك كله، واقتدى أهل الدين والعلم من السلف، بسلوك طريقته فى ذلك، وترك التكلف فيما ينوبهم من حاجاتهم، حتى أنه لو قيل لأحدهم لا تركب الحمار، ولا تحلب الشاة، ولا تسلخها، ولا ترقع الثوب، ولا تخصف النعل، ولا تهنأ (٢) البعير، لقال: كيف لا أفعل ذلك وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، أو جاء عنه أنه فعله!! (٣) وقال أيضاً: "إن التأسى به صلى الله عليه وسلم فى فعله المباح هو أدنى الدرجات فى استحباب المتابعة فيها، ولهذا أكثر المصنفين من الأصوليين لا يذكرون التأسى به فيها، وما ذكرناه أولى وأصح، وله سر. وهو: أن أصل الفعل وإن كان الإنسان مضطراً إليه، فمن حيث الحاجة لا يفعله تأسياً بالنبى صلى الله عليه وسلم، بل من حيث إيقاعه على هيئة مخصوصة نقلت عن النبى صلى الله عليه وسلم، أو استعمال شئ مخصوص، مع أنه يمكنه استعمال غيره.


(١) هو: عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسى، الدمشقى، الشافعى، إمام، حافظ، فقيه، مقرئ، نحوى، مؤرخ. من مصنفاته: شرح القصيدة الشاطبية، ومختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، والمحقق من علم الأصول، مات سنة ٦٦٥هـ له ترجمة فى: طبقات المفسرين للداودى ١/٢٦٨ رقم ٢٥٤، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص٥١٠ رقم ١١٢٣، وطبقات القراء للذهبى ٢/٥٣٧، وبغية الوعاة للسيوطى ٢/٧٧.
(٢) هنأ فلاناً هنأ: أعطاه طعاماً أو نحوه، وكل أمر أتى بلا تعب فهو هنئ. ينظر: مختار الصحاح ص٧٠٠، والقاموس المحيط ١/٣٤.
(٣) المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ص٨٠.

<<  <   >  >>