للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فكيف يزور أم حرام إذا ذهب إلى قباء فلا يجد أحداً يقابله، أو يصلى معه، أو يقابله فى الطريق فيسير معه حتى يسمح له بالانصراف؟! وكيف يدخل بيتاً، فلا يدخل إليه فيه من أراد، ممن له حاجة، أو مسألة، أو به رغبة للاستفادة من تجدد رؤيته له، وسعادته بمجالسته صلى الله عليه وسلم؟!.

... أمور كلها تعد من قبيل الشواهد التى لا تخطئ، والدلالات التى تورث اليقين، بأن النبى صلى الله عليه وسلم، حين زار قباء ودخل على أم حرام فى بيتها، كان معهم غيرهما، ولاسيما وجود أنس بن مالك على ما ورد فى روايات الحديث (١) .

... وهذه الشواهد هى التى جعلت الإمام البخارى يعنون لباب القصة بقوله: "باب من زار قوماً فقال عندهم" وتأمل جيداً "قوماً".

رابعاً: المتأمل فى الحديث يجد قول الراوى: فأطعمته: أى قدمت له طعاماً، و"جعلت تفلى رأسى".

... فهل يناسب هذا القول: "وجعلت تفلى رأسه" حال الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يأكل؟ أو حال أنس، وهو جالس إلى خالته حال قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتناول الطعام؟ وألا يمكن أن يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، بادر إلى النوم قبل تناول الطعام، فأطعمت أم حرام أنساً، وجعلت تفلى رأسه، حتى استيقظ النبى صلى الله عليه وسلم يضحك، ويحكى ما رآه من الصحابة فى السفن كالملوك على الأسرة غزاة فى سبيل الله؟ يجوز.

... إلا أن الذين فى قلوبهم مرض، لا يفطنون لذلك، ولا يسمعون كلام الحافظ الدمياطى وهو يقول: ليس فى الحديث ما يدل على الخلوة مع أم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد، أو خادم، أو زوج، أو تابع.


(١) يراجع: تخريج حديثنا السابق، مع رواية أحمد فى مسنده والسابقة قريباً.

<<  <   >  >>