.. وفى تعليله صلى الله عليه وسلم "إنى أرحمهما" فيه أنه خلف حرام بن ملحان فى أهله بخير بعد وفاته، ولذا ذكر البخارى الحديث السابق فى كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير، وهذا من فقهه ودقته – رحمه الله.
... فكانت زيارته صلى الله عليه وسلم لأم سليم وأختها أم حرام، عملاً بما قاله صلى الله عليه وسلم:"من جهز غازياً فى سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً فى سبيل الله بخير فقد غزا"(١) .
... وفضلاً عن ما سبق، فقد غنم المسلمون من هذه الزيارة علماً من أعلام النبوة، فى أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم، عما سيكون قبل وقوعه، حيث أراه الله له، وإخباره أم حرام بأنها من الأولين ركاب السفن الغازية. وتحقق ما أخبر به من ركوبها وغزوها ثم استشهادها الذى حال بينها وبين أن تكون من أهل السنن الغازية التى تلت ذلك، ورآها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: من أين جزم أحمد صبحى، ومن قال بقوله؛ بانفراد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أم حرام أو أم سليم؟ وكيف قطع بأن أحداً لم يكن معهما؟، وما الذى يمنع أنساً وهو خادمه من الدخول إلى بيت أمه، وهو نفسه بيت خالته؟ وأين أخوه اليتيم، ومن كان من الأزواج حاضراً؟ بل وأين من كان من الأقارب، وكل من حول قباء من الأنصار الذين لا يتركون الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يزور قباء، وهم من أخواله الذين نزل بينهم أول قدومه المدينة؟!.
... لقد كان الصحابة يحرصون على مرافقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يسعدون بصحبته كلما خرج من بيته، وكانوا يلتمسون رؤيته وسماعه، ورؤية ما يصدر منه.
(١) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الجهاد، باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير ٦/٥٨ رقم ٢٨٤٣ من حديث زيد بن خالد رضى الله عنه.