للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. فهذا منهم من أفرى الفرى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروايات القصة ترد عليهم، فكل ما فيها أنه صلى الله عليه وسلم، زار أم حرام، ونام عندها، واستيقظ يضحك، وسألته أم حرام عن الأمر الذى يضحك منه، فأخبرها أن ناساً من أمته سيركبون البحر، ظهره، ووسطه، ويكونون فيه، وهو أمر فيه أمثال الملوك على الأسرة، وهذا أمر يسعد النبى صلى الله عليه وسلم، ويرضيه، لما فيه من المخاطر ما فيه، إن فيه خطر ركوب البحر، وفيه الجهاد، وما فى الجهاد من أهوال، وفيه احتمال الموت والشهادة، وأم حرام تعرف ذلك وتدركه، ثم تطمع فيه وتبتغيه، وتسأل النبى صلى الله عليه وسلم الذى لا ترد دعوته، وتقول له: سل الله أن يجعلنى منهم، والنبى سأل ربه، واستجاب له ربه عز وجل، فسألته أم حرام بعد أن نام المرة الثانية فى الوقت نفسه، وقام يضحك، مم تضحك يا رسول الله؟ فقال: كما قال فى الأولى: "إن ناساً من أمتى سيركبون البحر مثل الملوك على الأسرة، قالت: يا رسول الله! أأنا منهم، قال، لا، أنت من الأولين".

... ومرت الأيام، وركبت أم حرام مع زوجها، وعلى ساحل البحر، ركبت دابة، فسقطت من على دابتها فماتت، وقبرها على رأى البعض ما يزال ظاهراً، يعرفه الناس فى قبرص باسم قبر المرأة الصالحة.

... أى حديث هذا الذى جرى بين النبى صلى الله عليه وسلم، وبين أم حرام رضى الله عنها؟ إنه حديث عن المخاطر والأهوال، وهو حديث عن الموت والشهادة، وهو حديث عن استكمال الذات إلى ساعة الممات، وهو حديث فرح النبى صلى الله عليه وسلم بأمته حين ينتشرون بالدين ويحملون لواء الجهاد.

... إن مثل هذا الحديث: لهو حديث الرجولة والكمال، وهو حديث الطمع فى رحمة الله ورضوانه.

... فما علاقة مثل هذا الحديث الشاق بأحاديث الرضا، ومتابعة هوى النفس؟!.

<<  <   >  >>