للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

.. وبهذا يرتفع الإشكال أيضاً عن إنكار عمر بحضرته صلى الله عليه وسلم فى نفس القصة، على ما روى عن عائشة رضى الله عنها قالت: "رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يسترنى وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون فى المسجد، فزجرهم عمر (١) فقال النبى صلى الله عليه وسلم، دعهم. أمنا بنى أرفدة" يعنى من الأمن (٢) يشير إلى أن المعنى: اتركهم من جهة إنا آمناهم أمناً.

... فإنكار عمر هنا مبنى على أن الأصل تنزيه المساجد عن اللعب فيها بالحراب، فبين له رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه الجواز.

... كما يحتمل أن يكون عمر لم يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعلم أنه رآهم، كما يحتمل أن يكون إنكاره لهذا شبيه إنكاره على المغنيتين، وكان من شدته فى الدين ينكر خلاف الأولى، والجد فى الجملة أولى من اللعب المباح. وأما النبى صلى الله عليه وسلم، فكان بصدد بيان الجواز (٣) .

ثالثاً: ليس فى الحديث ما يزعمه دعاة الفتنة من استماع رسول الله صلى الله عليه وسلم، للباطل من الغناء على لسان المغنيات بدلالة ما يلى:


(١) وفى رواية أبى هريرة: "فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، أى أهوى عمر إلى الحصى الصغار يرميهم بها.
(٢) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) فى عدة أماكن منها. كتاب العيدين، باب إذا فاته العيد يصلى ركعتين ٢/٥٥٠ رقمى ٩٨٧، ٩٨٨، وكتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب فى المسجد ١/٦٥٣ رقم ٤٥٤. ومن حديث أبى هريرة فى كتاب الجهاد، باب اللهو بالحراب ونحوها ٦/١٠٩ رقم ٢٩٠١، ومسلم (بشرح النووى) كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة فى اللعب الذى لا معصية فيه فى أيام العيد ٣/٤٥٢ رقم ٨٩٣.
(٣) ينظر: فتح البارى ٢/٥١٥ رقم ٩٥٠، ٦/١٠٩ رقم ٢٩٠١، والمنهاج شرح مسلم ٣/٤٥٥ رقم ٨٩٣.

<<  <   >  >>