للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للصحة، كأنما هي فص من الماس يعطيك كل ضلع منه شعاعًا، فإذا نظرت إلى أضلاعه جملة بهرتك بألوان الطيف كلها، فلا تدري ماذا تأخذ عينك وماذا تدع. ولعلك لو وكلت النظر فيها إلى غيرك رأى منها أكثر مما رأيت. وهكذا نجد كتابًا مفتوحًا مع الزمان يأخذ كل منه ما يسر له؛ بل ترى محيطًا مترامي الأطراف لا تحده عقول الأفراد ولا الأجيال.

ألم تر كيف وسع الفرق الإسلامية على اختلاف منازعها في الأصول والفروع؟ وكيف وسع الآراء العلمية على اختلاف وسائلها في القديم والحديث؟ وهو على لينه للعقول والأفهام صلب متين. ولا يتناقض ولا يتبدل. يحتج به كل فريق لرأيه، ويدعيه لنفسه، وهو في سموه فوق الجميع يطل على معاركهم حوله، وكأن لسان حاله يقول لهؤلاء وهؤلاء: ﴿كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا﴾ (١).

[دقة التعبير القرآني]

ها نحن أولاء قد عرضنا لك جانبًا منتلك العجائب البيانية التي لا تنال مثلها أيدي الناس. وها قد أعطيناك في حاشية كل منها نموذجًا صغيرًا، يفتح لك الباب إلى احتذائه في سائر القرآن. فهل ترى في هذا وفاءً بما وعدناك، وبما عودناك، من التقفية على آثار التفصيل بشيء من التطبيق والتمثيل؟ أم لا تزال بحاجة إلى المزيد من هذه الأمثلة؟!


=المغرورين من المترفين. وعلى الثاني يكون تنبيهًا على سعة خزائنه وبسطة يده جل شأنه. وعلى الثالث يكون تلويحًا للمؤمنين بما سيفتح الله لهم من أبواب النصر والظفر حتى يبدل عسرهم يسرًا وفقرهم غنى من حيث لا يظنون. وعلى الرابع والخامس يكون وعدًا للصالحين إما بدخولهم الجنة بغير حساب. وإما بمضاعفة أجورهم أضعافًا كثيرة لا يحصرها العد. ومن وقف على علم التأويل واطلع على معترك أفهام العلماء في آية رأى من ذلك العجب العاجب.
(١) سورة الإسراء: الآية ٨٤.

<<  <   >  >>