للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينها أو ينقص شيئًا.

"لعمري" لئن صح هذا الفرض في أحد من البشر لصح مثله في نبي القرآن ولكن الإنسان هو الإنسان. ومن لم يحط علمًا بما سيعترضه في دهره من بواعث القول وفنونه فهو عن الإحاطة بنصوص هذا القول أبعد، وهو عن الإحاطة بمراتب هذه النصوص أشد بعدًا. بل الإنسان حين تحفزه باعثة القول وترد إليه سانحته لا يعدو فيها إحدى خطتين: فهو "إما" أن يدعها كما هي سانحة منعزلة. وكذلك يفعل في أمثالها، حتى إذا بلغ الغاية رجع أدراجه فأخذ فيها جمعًا وتفريقًا، وتبويبًا وترتيبًا. "وإما" أن يأخذ في ضم هذه النصوص، أولًا على وفق ورودها الأول فالأول. أما الثالثة وهي أن يجعلها هكذا "عزين". ولا يزال يظاهر من قريب وبعيد، عن أيمانها وعن شمائلها وفي خلالها، بهذه الطريقة المحددة، وبهذا الطريقة المشتتة المعقدة، على أن يجعل المكان الذي أحل كل سانحة فيه مكانًا مسجلًا لا تحول عنه ولا تزول. ثم يطمع أن يخرج له بتلك الصنعة ديوان كامل التقسيم والتبويب، جيد التنسيق والترتيب، مترابط متماسك في جملته وتفصيله، كلمة كلمة وحرفًا حرفًا، فتلك أمنية لا يظفر المرء منها إلا بعكس ما تمنى".

[إحكام البنيان القرآني وتماسكه]

ها أنت ذا قد عرفت نهج التأليف الإنساني في صنعة البيان وغير البيان. ورأيت بُعْدَ ما بينه وبين نهج التأليف في نجوم القرآن. وعرفت ماذا كان يجب أن يحدث في النظم القرآني من جراء هذا النهج العجيب. في أسباب ثلاثة (١) من شأنها ألا يستقيم بها للكلام طبع. ولا يلتئم له معها شمل.


(١) عناصر معنوية مختلفة. ظروف زمانية منفصلة. أوضاع تأليفية عجلى ومشتتة.

<<  <   >  >>