للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[البحث الأول: في تحديد معنى القرآن]

المعنى اللغوي والاشتقاقي لكلمتي "قرآن" و"كتاب":

معنى القرآن في اللغة:

القرآن في الأصل مصدر على وزن فُعلان بالضم، كالغفران والشكران والتكلان. تقول: قرأته قرءًا وقراءةً وقرآنًا بمعنى واحد، أي تلوته تلاوة، وقد جاء استعمال القرآن بهذا المعنى المصدري في قوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ (١) أي قراءته.

ثم صار علمًا شخصيًّا (٢) لذلك الكتاب الكريم. وهذا هو الاستعمال الأغلب، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (٣). ويسمى -أيضًا- الكتاب، ومنه قوله تعالى: ﴿الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ﴾ (٤).

سر التسمية بالاسمين جميعًا:

روعي في تسميته قرآنًا كونه متلوًّا (٥) بالألسن، كما روعي في تسميته كتابًا كونه مدونًا (٦) بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه.


(١) سورة القيامة: الآية ١٧ وما بعدها.
(٢) يطلق بالاشتراك اللفظي على مجموع الكتاب، وعلى كل قطعة منه، فإذا سمعت من يتلو آية من القرآن صح أن تقول: إنه يقرأ القرآن ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [سورة الأعراف: ٢٠٤].
(٣) سورة الإسراء: الآية ٩.
(٤) سورة البقرة: الآيات ١، ٢.
(٥)، (٦) هذا بيان لوجه الصلة فيهما بين المعنى المنقول عنه والمعنى المنقول إليه، وهو مبني على ما اشتهر من استعمال القراءة في خصوص التلاوة، وهي ضم الألفاظ بعضها إلى بعض في النطق، واستعمال الكتابة في خصوص الرسم، وهو ضم بعضها إلى بعض في الخط. فإذا رجعنا إلى أصلهما الأصيل في اللغة وجدنا مادتي "ك ت ب" و" ق ر أ" تدوران على معنى الجمع والضم مطلقًا. ويلمح هذا الأصل الأول بكون كل واحد من اللقبين=

<<  <   >  >>