بيان أن محمدًا ﷺ لا بد أن يكون أخذ القرآن عن معلم:
البحث في الأوساط البشرية عن ذلك.
لا مناص إذًا للباحث عن مصدر القرآن من توسيع دائرة بحثه، فإذ لم يظفر بمطلبه عند صاحب القرآن في ناحية عقله وفراسته، وجب أن يلتمسه -وأن يظفر به حتمًا- في ناحية تعليمه ودراسته؛ لأن المتكلم بكلام ما لا يعدو أن يكون قائلًا له أو ناقلًا. ولا ثالث لهما.
نعم؛ إن صاحب هذا القرآن لم يكن ممن يرجع بنفسه إلى كتب العلم ودواوينه، لأنه باعتراف الخصوم كما ولد أميًّا نشأ أميًّا وعاش أميًّا، فما كان يومًا من الأيام يتلو كتابًا في قرطاس ولا يخطه بيمينه، فلا بد له من معلم يكون قد وقفه على هذه المعاني لا بطريق الكتابة والتدوين بل بطريق الإملاء والتلقين، هذا هو حكم المنطق.
سنقول: فمن هو ذلك المعلم؟
نقول: هذا هو الشطر الثاني من مسألة القرآن.
وأنت إذا تأملت فيما سقناه لك من البراهين على الشطر الأول وجدت بجانب كل منها برهانًا آخر على هذا الشطر الثاني، وعرفت من ذلك المعلم؟ غير أننا نحب أن نزيدك به معرفة؛ حتى تقول معنا فيه:"ما هذا بشرًا، إن هذا إلا ملك كريم، مبلغ عن رب العالمين".
البحث عنه بين الأميين:
أما أن محمدًا ﷺ لم يكن له معلم من قومه الأميين فذلك ما لا شبهة فيه لأحد، ولا