للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾.

[المراحل الأربع التي سلكها القرآن في دعوة بني إسرائيل]

بحسبك أن تعلم أن هذه السورة هي غرة السور المدنية، وأن المدينة كان يسكنها أشد الناس عداوة للذين آمنوا، وأكثرهم جدالًا في دينهم بما أوتوه من العلم قبلهم. بحسبك أن تعلم هذا وذاك لتعرف سر تلك العناية الموفورة بهذا الجانب من الدعوة، نعني دعوة بني إسرائيل خاصة بعد دعوة الناس عامة، ولتعلم حكمة ذلك التبسط في الحديث معهم تارة، والحديث عنهم تارة أخرى، بألوان تختلف هجومًا، ودفاعًا، واستمالة، واستطالة، إلى ما بعد نصف السورة.

وسترى حين تنتقل في هذه الأحاديث مرحلة مرحلة ما يملك قلبك من جمال نظامها ودقة تقسيمها.

- إجمال الحديث عنهم:

"بدأ" الكلام معهم بآية فذة ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ هي على قلة كلماتها جامعة لأغراض الحديث كله: ففيها يناديهم بأحب أسمائهم وأشرف أنسابهم ويذكرهم بسابق نعمة الله عليهم إجمالًا، ويبني على ذلك دعوتهم إلى الوفاء بعهدهم، ويرغبهم ويرهبهم.

- تفصيل الحديث عنهم:

"ثم" رجع إلى هذه الأغراض يفصلها على تدرج وبقدر معلوم فشرح العهد الذي طلب منهم الوفاء يه، في ست آيات ﴿وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ، وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ

<<  <   >  >>