للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقدمة المؤلف للطبعة الثانية]

الجزء الأول من كتاب "النبأ العظيم" مولود جديد … قديم؛ جديد في مقطعه ونهايته، قديم في مطلعه وبدايته.

كان مسقط رأسه في الحرم الجامعي، منذ نيف وعشرين عامًا؛ ولكنه لم يبرز منه يومئذ إلا عنقه وصدره .. أما أطرافه فلم تنشأ، وأما خلقه فلم يكتمل إلا اليوم.

لقد شهد طلاب الأمس بداية أمره، حين كان يملى عليهم نجومًا متفرقة، في فترات متلاحقة أو غير متلاحقة، وكانوا كلما اجتمعت منه صفحات معدودة لا تزيد عن عقد وبعض عقد، استعجلوا طبعها، وجعلوا يستحثون همة المؤلف لوضع لاحقتها.

ثم أتت بعد ذلك شئون (١) حالت دون إتمام وضعه، بله إكمال طبعه؛ فبقي القدر الذي طبع منه حبيسًا في دار الطبع، أو مقصورًا على الرعيل الأول من طلاب هذا البحث .. حتى أذن أذن العلي القدير -وكل شيء عنده بمقدار- أن يضيف المؤلف إليه


(١) أمضى المؤلف في خارج القطر المصري اثني عشر عامًا: من غرة ربيع الأول ١٣٥٥ هـ إلى سلخ ربيع الثاني ١٣٦٧ هـ "مايو ١٩٣٦ - مارس ١٩٤٨ م" مبعوثًا من الجامعة الأزهرية إلى الجامعات الأوربية. فدرس هناك بضعة ألسن من لغة أهل الغرب، وألم بمناهج علمائهم في البحث، ووضع هناك باللغة الفرنسية رسالتين جامعيتين: عن القرآن، وعن دستور الأخلاق في القرآن .. ثم أمضى تسعة أعوام أخر بعد عودته إلى مصر مشغولًا بشئون علمية نيطت به على عجل. من أهمها:
١ - محاضرات في علم تاريخ الأديان بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
٢ - محاضرات في فلسفة الأخلاق بقسم التخصص بالجامعة الأزهرية.
٣ - تدوين محاضراته هذه وتلك وإخراجها في رسالتين باللغة بالعربية .. على أن المؤلف ما زال في أثناء هذه المشاغل كلها يعاوده الحنين إلى إكمال هذا الجزء، وما برح في تلك الأثناء يتلقى من أبنائه وزملائه الرسائل تلو الرسائل لمتابعة هذا البحث، ولكنه لم ييسر له تحقيق هذه الأمنية إلا الآن. وسبحان من لا يشغله شأن عن شان.

<<  <   >  >>