للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل كيف عرف كل جزء من الأجزاء أين مجموعته، وأين مستقره بينها في رأس أو صدر أو طرف: من قبل أن تتبين سائر الآحاد والفصائل .. حتى إذا تم توزيع تلك الأجزاء المتفرقة، والأشلاء الممزقة، إذا الستار يرتفع في كل سورة عن دمية حسناء كاملة الأعضاء متناسقة الحلي؟

أي تدبير محكم، وأي تقدير مبرم، وأي علم محيط لا يضل ولا ينسى، ولا يتردد ولا يتمكث؛ كان قد أعد لهذه المواد المبعثرة نظامها، وهداها في إبان تشتتها إلى ما قدره لها، حتى صبغ منها ذلك العقد النظيم، وسرى بينها هذا المزاج العجيب؟

سبحان الله! هل يمتري عاقل في أن هذا العلم البشري؛ وأن هذا الرأي الأنف البدائي الذي يقول في الشي: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لقلت أو فعلت، ولقدمت أو أخرت" لم يك أهلًا لأن يتقدم الزمان ويسبق الحوادث بعجيب هذا التدبير؟ أليس ذلك وحده آية بينة على أن هذا النظم القرآني ليس من وضع بشر، وإنما هو صنع العليم الخبير؟ بلى؛ ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (١).


(١) سورة النساء: الآية ٨٢.

<<  <   >  >>