وإذن فإن الصوم في السفر غير مفروض وغير مندوب وإنما هو مباح، فمن شاء صام ومن شاء أفطر وهذا المعنى قد تضافرت عليه الأحاديث، ومنه القول (ليس من البر الصيام في السفر) فإن معناه: ليس من المفروض، ولا من المندوب الصيام في السفر وهو المعنى نفسه الوارد في قوله عليه الصلاة والسلام في البند ١٥ (تعال أُخْبِرْكَ عن المسافر: إن الله تعالى وضع عنه الصيام ... ) أي وضع الأمر به، وتركه يدخل في خانة المباحات. وهكذا نكون قد جمعنا بين الأحاديث كلها والجمع بين الأحاديث أولى من إِهمال أحدها أو بعضها كما هو مقرَّر في علم الأصول.
...وثمة سؤالٌ هو: كيف نفسر الحديث رقم ٨ (عليكم برخصة الله عزَّ وجلَّ، فاقبلوها) والحديث رقم ١٠ (من لم يقبل رخصة الله عزَّ وجلَّ كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) ؟ ألا يدل كلاهما على الأمر بالإِفطار وأنه أفضل من الصيام؟