للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السفر.

وفي الحديث هذا نكتة لا أراها تخفى على الكثيرين، هي أن الله سبحانه عندما يخيِّر بين أمرين ويُدخلهما في دائرة المباحات فإنَّ ذلك لا يعني أن يختار الرجل أحدَهما بشكل دائم ويترك الأخر بشكلٍ دائم، وإن كان ذلك منه جائزاً، وإنما يحبُّ الله عزَّ وجلَّ من الرجل أن يتنقل بين الأمرين، فيأخذ بهذا مرة وبذاك مرة أخرى، وعبَّر عنه الحديث بلفظة (يحب) دون أن يصل هذا الحب إلى درجة الفرض والإلزام، بمعنى أن المسلم وقد وُضع عنه فرضُ الصيام في السفر ونفله، لا يعني أن يدع الصيام بالكلية فيه، ويتمسك بالفطر ملتزماً به، وإنما يعني التخيير الذي يحبه الله تعالى وهو: أن يعمد إلى هذا مرة أو مرات، ويعمد إلى ذاك مرة أو مرات، فلا التزام ولا إلزام، ويبقى الأمر على التخيير حكماً وعملاً، وهذا ما يفسر ما جاء في الحديث رقم ٧ (وما فينا صائمٌ إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وابن رواحة) وما جاء في الحديث رقم ٩ (قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأفطر) فهو عليه الصلاة والسلام الذي نقل إلينا حبَّ الله عزَّ وجلَّ للتخيير المشار إليه قد سار بموجبه، فكان يصوم ويفطر دون التزام منه أو إلزام بأحدهما دون الآخر. ونقف وقفة مع الحديثين ١٢، ١٣ فنقول:

الحديث رقم ١٢:

<<  <   >  >>