٨- عن يزيد بن عبد الله بن الشِّخَّير عن الأعرابي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يُذهبن وَحَرَ الصدر} . رواه أحمد (٢٣٤٥٨) وابن حِبَّان والبيهقي والطبراني في المعجم الكبير. ورواه البزَّار (١٠٥٧) بلفظه من طريق ابن عباس رضي الله عنه. ورواه النَّسائي (٢٣٨٥) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ { ... ألا أُخبركم بما يُذْهِبُ وَحَرَ الصدر؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر} وجهالة الصحابي لا تضر لأنهم جميعاً عدول قوله: وَحَرَ الصدر: يعني غِشَّه ووساوسَه وحقدَه وما إلى ذلك.
تدل هذه الأحاديث على استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وهو ما اتفق عليه الفقهاء كلهم، ولكنهم اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة، فذهب أبو حنيفة وصاحباه والشافعي وأصحابه وأحمد وإسحق بن راهُويه وابن حبيب من المالكية إلى أنها أيامُ ثلاثَ عشْرةَ وأربعَ عشْرةَ وخمسَ عشْرةَ من الشهر، وبه قال عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وأبو ذر، وكثيرٌ من التابعين. وذهب مالك إلى كراهة تعيينها، وأن السُّنَّة هي صوم ثلاثة أيام غير معيَّنة. وذهب الحسن البصري إلى استحباب الثلاثة من أول الشهر. وذهب إبراهيم النخعي إلى استحبابها من آخر الشهر. وذهب ابن شعبان من المالكية إلى استحباب أول يوم من الشهر، واليوم الحادي عشر، واليوم العشرين. وذهب قوم إلى استحبابها في يومي الاثنين والخميس. قال ذلك العراقي.
والحق الذي ينبغي الذهاب إليه هو أن أفضل ما تصام هذه الأيام الثلاثة إنما يكون في إحدى حالتين: فإِما أن تُصام في الأيام البيضِ الغُرِّ، وهي الأيام ثلاثَ عشْرةَ وأربعَ عشْرةَ وخمسَ عشْرةَ من الشهر، وإِما أن تصام الأيام الثلاثة في يومي الاثنين والخميس. وقد وردت النصوص بهاتين الحالتين، فيستحب تَحرِّي صيامِ هذه الأيام الثلاثة فيهما، دون تفضيلٍ لإِحداهما على الأخرى.