...قوله في الآية الكريمة {فصيام ثلاثة أيام في الحج} فسَّرها علي وابن عمر وابن عباس في الآثار ٣، ٤، ٦ بأن الصيام يُؤدَّى قبل عرفة، أو يُؤدَّى آخِرُه يومَ عرفة، وهذا يعني عدم تأديتها في أيام التشريق، وذلك لورود النهي عن صيام أيام التشريق. ولكن وحيث أن صيام هذه الأيام الثلاثة واجب شرعاً، وحيث أن أيام التشريق هي آخر أيام الحج، فإنَّ من لم يصم هذه الأيام الثلاثة في وقتها أجاز له الشرع أن يصومها في أيام النهي، أي في أيام التشريق.
...وإذن فإن الصيام في أيام التشريق لمن فاته صيام الأيام الثلاثة هو رخصة، وهو ما جاء في الحديث الثاني (لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهَدْي) وحتى هذه الرخصة قد قُيِّدت بمن لم يتمكن من الصيام وليس على إطلاقها لأن الأصل كما قلنا هو أن تُصام الأيام الثلاثة قبل أيام التشريق وهذا المعنى مذكور في الأثر الرابع (وإذا فاته صامها أيام منى) ومذكور في الأثر الخامس (فإن لم يجد هدياً ولم يصم، صام أيام منى) والآثار وهي أقوالُ الصحابة، وإن كانت غير أدلة، إلا أنها أحكام شرعية يصح تقليدها واتِّباعها، وهنا جاءت أقوال الصحابة تشرح وتفسِّر الآية الكريمة فيصح قبول هذا الشرح والتفسير لا سيما وأنهم أقدر المسلمين على فهم الآيات وبيان مدلولاتها.