...وقد اختلف المفسرون والفقهاء وحتى الصحابة في الآية ١٨٤ هل نُسخت أم لم تُنسخ، فرُوي عن سَلَمة بن الأَكْوع رضي الله عنه قال {لما نزلت (وعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين) كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها} رواه البخاري (٤٥٠٧) ومسلم وأبو داود والنَّسائي والترمذي. وروى نافع عن ابن عمر رضي الله عنه {أنه قرأ (فِدْيةٌ طعامُ مسكين) قال: هي منسوخة} رواه البخاري (٤٥٠٦) والطبري والبيهقي. وجاء في صحيح البخاري (٣٩) باب [وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين] حدثنا ابن أبي ليلى: حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم {نزل رمضان فشقَّ عليهم، فكان مَن أطعم كلَّ يوم مسكيناً ترك الصوم ممن يطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك فنسختها (وأَنْ تصوموا خير لكم) فأُمروا بالصوم} .
...فهذه ثلاثة آثار تذكر أن قوله تعالى {وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعامُ مسكين} منسوخٌ مع اختلافهم في الناسخ، فسَلَمةُ بيَّن أن الناسخ هو الآية التي بعدها، وهي {شهر رمضان ... فمن شهد منكم الشهر فلْيَصُمْه} وابن عمر أبهم الآية الناسخة، وأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بيَّنوا أن الناسخ هو الجزء الأخير من الآية نفسها {وأن تصوموا خيرٌ لكم} .