...نأتي لأثر ابن عباس عند البزَّار: إن البزَّار قد ذكر إسنادين عن ابن عباس بلفظ واحد، وفي الإسنادين محمد بن عبد العزيز – وهو أبو عبد الله الرملي المعروف بابن الواسطي، كما ذكر ابن حجر في تهذيب التهذيب – هذا الراوي قال عنه أبو زُرعة: ليس بقوي. وقال أبو حاتم: كان عنده غرائب ولم يكن عندهم بالمحمود، وهو إلى الضعف ما هو. ومع أن ابن حِبَّان قد وثَّقه – وهو المعروف عنه بالتساهل في توثيق الرواة – فإنه قال: ربما خالف. وأما قول الهيثمي عنه – بإسنادين وصحح أحدهما – وهو يعني أن البزَّار صحَّح أَحدَ الإسنادين، فقولٌ غير دقيق، وذلك أن البزَّار بعد أن روى الروايتين قال [وهذا من أحسنها إسناداً وأصحِّها، لأن محمد بن عبد العزيز لم يكن بالحافظ] فقوله هذا لا يعني أن الإِسناد صحيح، وإنما يعني أنه أصح من غيره. ومثله رواية الدارَقُطني من طريق أبي سعيد، فإن فيها هشام بن سعد، ضعَّفه النَّسائي وأحمد ويحيى بن معين. وليَّنه ابن عدي، وقال: ومع ضعفه يُكتَب حديثه. وقال عبد الحق: يُكتَب حديثه ولا يُحتجُّ به. وفي المقابل احتج به مسلم واستشهد به البخاري، فعلى فرض أن هذا الحديث صالح للاحتجاج والاستدلال، فإنَّا نقول عنه ما قلناه عن أثر أبي هريرة العام في مقابل أثره الخاصِّ وذلك أنَّ حديث الدارَقُطني والبزَّار جاء بصيغة العموم (القيء) دون بيان إن كان متعمَّداً، أو غير متعمَّد، فنخصِّصه بالوارد في الأحاديث السابقة القائلة إنَّ القيء المتعمَّدَ يفطِّرُ الصائمَ.
...وعليه فإنَّا نقول إن القيء إذا كان متعمَّداً فهو من المفطِّرات للصائم، وقد مرَّ مزيد بحث في هذه المسألة في موضوع [قضاء الصوم على المتقيء عمداً] في الفصل [قضاء الصوم] .