للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...إنه لمن المتفق عليه عند المسلمين قديماً وحديثاً أن دخول جسم في الحلق ومن ثم بلعه، أي نزوله إلى البلعوم يفطِّر الصائم، دون اشتراط أن يصل إلى المعدة أو إلى الرئة فنزول أي جسم إلى البلعوم يفطِّر الصائم، وهذا هو مقتضى اللغة، فاللغة تُطلِق على من بلع جسماً صلباً أنه أكله، أو سائلاً أنه شربه، فنزول الشيء إلى البلعوم يعتبر أكلاً له أو شرباً له، وحيث أن الأكل والشرب يفطِّران، فإن بلع أي شيء يفطِّر الصائم. وإنه لمن المتفق عليه عند المسلمين قديماً وحديثاً، إلا من شذَّ، أن نزول أي جسم إلى البلعوم يفطِّر الصائم، سواء كان مغذياً، أو غير مغذٍّ كحصاةٍ أو حفنة تراب.

...بقي أن نعرف مواصفات هذا الجسم، فأقول إن الجسم إن دخل كلُّه دفعةً واحدة فإنه لا خلاف في أنه يفطِّر، كاللقمة أو كحبة الحمص أو كجرعة ماء أو دواء وهو مُجْمَعٌ عليه عند المسلمين قديماً وحديثاً، فإذا جاء أحدهم ليحتال على الصيام، فسحق حبةَ الحمص أو حبة الدواء، ثم أدخل المسحوق بالتدريج في جوفه إما ببلعه مع الريق، أو باستنشاقه مع الهواء فإنه يكون قد أفطر، ولا تنفعه حيلته هذه، لأن النتيجة واحدة في الحالتين، وهي إن جسماً قد نزل إلى البلعوم ومن ثمَّ إلى الرئتين في الصدر، أو إلى المعدة في البطن، ولا يختلف الحال إن كان قد دخل جسماً على حاله، أو دخل مسحوقاً فبلعه مع الريق فوصل إلى المعدة، أو استنشقه مع الهواء، فوصل إلى الرئتين، وإذن فإن دخول أي جسم عن طريق البلعوم يفطِّر على أيةِ حالةٍ دخل، لأنه في واقعه فعلٌ واحد.

<<  <   >  >>