القول السابع والعشرون: تنتقل في العَشْرِ الأخير كله قاله أبو قُلابة ونصَّ عليه مالك والثوري وأحمد وإسحق، وزعم الماوَرْدي أنه متفق عليه، وكأنه أخذه من حديث ابن عباس أن الصحابة اتفقوا على أنها في العشر الأخير، ثم اختلفوا في تعيينها منه، كما تقدم ... [وذكر ابن حجر أحاديث أخرى تدعم هذا الرأي] .
القول الثامن والعشرون: قال الشافعي: أرجاه ليلة إحدى وعشرين.
وبعد أن أتى ابن حجر العسقلاني على ذكرها كلِّها وهي ستة وأربعون قولاً، قال معقِّباً [ ... وأرجحها كلِّها أنها في وِتر من العَشْرِ الأخيرِ، وأنها تنتقل كما يُفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتارُ العَشْر، وأرجى أوتار العَشْر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين على ما في حديث أبي سعيد وعبد الله بن أنيس وأرجاها عند الجمهور ليلة سبعٍ وعشرين، وقد تقدمت أدلة ذلك ... ] .
...والحق أن هذه المسألة قد تضاربت النصوص فيها وتناقضت وتعارضت، فأخذ كل فريق نصاً أو أكثر من هذه النصوص واستنبط منها رأيه فيها، ولم يستطع التوفيق بينها كلِّها، ولا بيانَ وجهِ الخطأ في استدلالات غيره.
والذي أود أن أسجِّله هنا هو أن معظم الخلافات الواقعة بين المذاهب والعلماء آتية من الأحاديث الضعيفة بصفة رئيسية، ومن التمسُّك بنص واحد أو بنصين وإِهمال النصوص الأُخرى، ولو أن الفقهاء تركوا الأحاديث الضعيفة ونظروا في كل النصوص الصالحة للاستدلال نظرةً متساويةً، ولم يُفردوا نصاً واحداً أو نصين بالنظر والاستنباط لضاقت الخلافات بينهم، ولتقلَّصت كثيراً.