...وبعبارةٍ أُخرى أقول ما يلي: إن معظم الخلافات بين الأئمة والفقهاء آتية إِما من الأخذ بالأحاديث الضعيفة - وهذه الأحاديث تختلف فيما بينها اختلافاً كبيراً يصل إلى درجة التناقض في كثير من الأحيان - وإما من عدم بذل الجهد الكافي للتوفيق بين النصوص الصحيحة، والاقتصار منها على نص واحد، أو نصين يراهما الفقيه كافياً لأخذ الحكم منهما وهو يرى أن عدداً من النصوص الصحيحة الأخرى قد تمت تنحيتها جانباً.
وقد عمدت في هذا الكتاب كما عمدت في الكتاب السابق [الجامع لأحكام الصلاة] إلى ترك الأحاديث الضعيفة، وأعني بالضعيفة ما اتفق المحدِّثون على ضعفها، أما الأحاديث التي اختلف المحدِّثون فيها فربما أخذتها وربما تركتها وذلك تبعاً لموافقتها أو مخالفتها للأحاديث الصالحة للاستدلال. كما أنني عمدتُ إلى الأخذ بالأحاديث الصحيحة والحسنة، ووضعِها كلِّها على صعيد البحث، فإِن رأيت اختلافاً أو تعارضاً ظاهراً بينها عمدت بكامل الطاقة والوسع إلى إِعمالِها كلِّها ولو بالتأويل، فذلك أولى من إِهمال بعضها. والآن أعود إلى موضوعنا، فأقول بخصوص تعيين ليلة القدر، واختلافات الأئمة والفقهاء فيها ما يلي: