...أما دليلهم الثاني فيدل على أفضلية الاعتكاف في العشر الأواخر، لا سيما إذا علمنا أنه عليه الصلاة والسلام كان يتحرى ليلة القدر ويلتمسها في العشر الأواخر هذه والتماس ليلة القدر وتحريها مندوب غيرُ واجب، وليس في الحديث أي شيء يدل على قصر الاعتكاف عليها، وإن الحديث رقم ٨ دليل على ما نقول، فإنه عليه الصلاة والسلام قد اعتكف في شوال، وليس في شوال ليلة قدر، ولا يجب الصيام فيه. فإن هم قالوا إنه عليه الصلاة والسلام كان يصوم أيام شوال هذه، قلنا لهم إن النصوص لم تذكر الصيام والقول بالصيام فيها تقوُّلٌ على النص لا يجوز. أما الحديث الثالث (لا اعتكاف إِلا بصيام) فقد قال الدارَقُطني الذي رواه [تفرَّد به سويد عن سفيان بن حسين] وقال البيهقي وهو أيضاً راوي الحديث [سويد ضعيف لا يُقبل ما تفرَّد به] وقال الحاكم وهو أيضاً راوي الحديث [الشيخان لم يحتجا بسفيان بن حسين] وقد ضعَّفه أحمد وقال: متروك. وقال البخاري: فيه نظر. فالحديث ضعيف فيُترك.
...وأما الحديث الرابع (فأمره أن يعتكف ويصوم) فقال الدارَقُطني الذي رواه [تفرَّد به ابن بديل عن عمرو وهو ضعيف الحديث] وقال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث منكر. وأضاف: وابن بديل ضعيف الحديث. وقال ابن حزم [هذا خبر لا يصح] فالحديث ضعيف فيترك.