٨- عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير العُذْري {خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفطر بيومين فقال: أدُّوا صاعاً من بُرٍّ أو قمحٍ بين اثنين، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على كل حُرٍّ وعبدٍ وصغير وكبير} رواه أحمد (٢٤٠٦٣) وأبو داود والدارقطني والطبراني والطحاوي بإسنادٍ رجالُه ثقات. ورواه الدارَقُطني أيضاً من طريق أخرى بقوله [عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعير عن أبيه] فصار مسنداً.
الحديث الثالث من رواية الحجَّاج بن أرطأة ضعَّفه الكثيرون فيُترك. والحديث السادس من طريق أبي معشر عند الدارَقُطني والبيهقي ومن طريق محمد بن عمر الواقدي عند ابن سعد في طبقاته وهما ضعيفان جداً، فيترك الحديث بروايتيه. فتبقى عندنا ستة أحاديث صالحة للاحتجاج والاستدلال.
...وهذه الأحاديث قد بيَّنت وقتَ إخراج الزكاة، وأنه قبل الصلاة، أو قبل خروج الناس إلى الصلاة، دون أن تحدد هذه الأحاديث أول وقت الإخراج، فالأحاديث كلها قد ذكرت نهاية وقت الإخراج، وهو صلاة عيد الفطر، ولكنها أغفلت أول وقت الإخراج، فنقول إن الواجب على كل مسلم أن يخرج زكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد، ولا يصلي إلا بعد أن يكون قد أخرج زكاة فطره. أما أن يخرجها قبل الصلاة بوقت طويل أو بوقت قصير فهذا ما لم تحدِّده الأحاديث وما لم تنصَّ عليه، بل تركته لاختيار المسلم نفسه، فله أن يؤديها قبيل الصلاة، وله أن يؤديها في ليلة العيد، وله أن يؤديها قبل ذلك بكثير أو بقليل، فالأمر في ذلك موسَّع.
...أما ما جاء في الحديث الرابع (وأن عبد الله كان يؤديها قبل ذلك بيوم أو يومين) فليس فيه تحديدٌ لأول الإخراج، وإنما هو اختيار من ابن عمر لهذا الوقت فحسب، فكما أنه يحق لابن عمر أن يختار هذا الوقت، فإنه يحقُّ لغيره أن يختار وقتاً قبله أو بعده.