قال الترمذي [قال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع يفطران، ويقضيان، ويُطعمان وبه يقول سفيان الثوري ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل. وقال بعضهم: يفطران ويطعمان، ولا قضاء عليها، وإن شاءتا قضتا، ولا إطعام عليهما. وبه يقول إسحق] . وقد ذهب الحسن البصري وعطاء والضحاك وإبراهيم النخعي والأوزاعي وعكرمة وأصحاب الرأي وربيعة إلى أن الحامل إذا خافت على نفسها، والمرضع إذا خافت على ولدها، أن تفطرا ولا إطعام عليهما، فهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر. وهو قول مالك في الحبلى إذا أفطرت، وأما المرضع فإنها إن أفطرت فقد وجب عليها القضاء والإطعام. وقال الشافعي وأحمد: تفطران وتقضيان إن خافتا على نفسيهما فقط، أو على نفسيهما وولديهما، وأما إن خافتا على ولديهما فقط فعليهما القضاء والفدية، عن كل يومٍ مُدٌّ. فأقول، ومِن الله التوفيق، ما يلي:
أما أن الحامل والمرضع تفطران فهذا ما لا خلاف فيه بين الفقهاء وهو الصواب وإن الحديث الأول دليل عليه (إن الله تعالى وضع ... الصوم عن المسافر، وعن المرضع أو الحبلى)(إن الله وضع عن المسافر ... الصوم، وعن الحبلى والمرضع) فكما أن المسافر يصح له الإفطار لأن السفر رخصة وعذر، فكذلك الحبلى والمرضع يصح لهما الإفطار، لأن الحَبَل والرضاعة رخصةٌ وعذرٌ. وقد جاء النص الأول عاماً في الحُبْلى والمرضع، وأَما النص الثاني، فقد جاء خاصاً بالحَبَل الذي يُخشى معه على النفس، وبالإِرضاع الذي يُخشى معه على الولد، فوجب الأخذُ بهذا التخصيص. فأقول ما يلي: