إن الحبلى إذا خشيت بسبب الحَبَل على نفسها فإن لها أن تفطر، وإن المرضع إذا خشيت بسبب الإِرضاع على ولدها فإن لها أن تفطر، وأما إن عدمت الخشيةُ من الحبلى والمرضع فلا يصح لهما الإفطار، فالعام يُحمل دائماً على الخاص. وأما القضاء فإنه لا بد منه، وليس صحيحاً قول إسحق [إن شاءتا قضتا] كما أنه ليس صحيحاً ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه من القول إِنَّ الحامل والمرضع ليس عليهما قضاء، كما جاء في الرواية عند الدارَقُطني (٢/٢٠٦) في سننه من طريق سعيد بن جُبير {أن ابن عباس قال لأم ولدٍ له حُبلى أو مُرضع: أنتِ من الذين لا يطيقون الصيام، عليكِ الجزاء، وليس عليكِ القضاء} ورواه أبو داود والبزَّار بمعناه. وكذلك ليس صحيحاً ما رُوي عن قتادة، وعن ابن عمر رضي الله عنهما من القول نفسه المنسوب لابن عباس رضي الله عنهما، كما جاء في مصنَّف عبد الرزاق عن قتادة (٧٥٥٦) وعن ابن عمر (٧٥٥٨) من أنهما قالا عن الحامل والمرضع: تفطران وتطعمان عن كل يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهما. وكما روى الدارَقُطني (٢ /٢٠٧) مثله عن ابن عمر رضي الله عنه. وذلك لما يلي:
...إنَّ الرواية الأولى عن ابن عباس عند الدارَقُطني القائلةَ بالجزاء، وعدم القضاء تعارضها الرواية عنه عند عبد الرزاق (٧٥٦٤) القائلة بالقضاء وعدم الإِطعام. ولذا فإن الرواية عن ابن عباس مشكوك فيها، فتترك. هذا إِضافةً إلى أنها قول صحابي وأقوال الصحابة ليست أدلة، كما ذكرنا ذلك عدة مرات. وقل مثل ذلك بخصوص القول المنسوب لابن عمر رضي الله عنه.