...إن الناظر في هذه النصوص يتبين أن الصيام في السفر يعادل الإفطار فيه، دون أن يكون لأحدهما أية أفضلية على الآخر، وقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم هذه المعادلة في كثير من النصوص، رغم اختلاف الأسئلة الموجهة إليه، واختلاف الأحوال لدى السائلين، بمعنى أن المعادلة بين الصوم والفطر بقيت على حالها، رغم اختلاف الأحوال والظروف، مما يؤكِّد التساوي التام بينهما. فالحديث الأول يقول (إن شئت فصم وإن شئت فأَفطر) والحديث الثاني يقول (هي رخصةٌ من الله، فمن أخذ بها فحسنٌ، ومن أحبَّ أن يصوم فلا جُناح عليه) والحديث الثالث يقول (أيَّ ذلك شئتَ يا حمزة) والحديث العاشر يقول (مَن لم يقبل رُخصةَ الله عزَّ وجلَّ كان عليه من الإثم مثلُ جبال عرفة) والحديث الحادي عشر يقول (يرون أن من وجد قوةً فصام، فإِن ذلك حسن، ويرون أن من وجد ضعفاً فأَفطر، فإِن ذلك حسن) فحمزة الأسلمي رضي الله عنه وجَّه أسئلته بكيفيات عدة: في الحديث الأول جاء سؤاله عاماً فجاءه الجواب بالمعادلة التامة، وفي الحديث الثاني جاء قوله (أَجِد بي قوةً على الصيام في السفر فهل عليَّ جُناح؟) وكأنه أراد رضي الله عنه أن يُفضَّل الصيامُ على الفطر ومع ذلك جاءه الجواب بالمعادلة التامة،وفي الحديث الثالث جاء قوله (وأنا أجد القوة وأنا شاب، وأجد بأن أصوم يا رسول الله أهون عليَّ من أن أُؤَخِّرَه فيكون دَيْناً) فزاد في بيان حاجته إلى تفضيل الصيام، ومع ذلك كله بقي الجواب هو هو بالمعادلة التامة بين الصوم والفطر، وفي الحديث الرابع أتى حمزة بحجة جديدة راغباً بتفضيل الصوم على الفطر فقال (إني رجل أَسرُدُ الصوم) فلم يتلق من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا قوله (صُم إن شئت وأَفطر إن شئت) ولا يدلُّ كل ذلك إلا على أن الصوم في السفر مماثل في الأجر والفضل للفطر لا يزيد أحدهما على الآخر درجةً واحدة، وانظر في سائر النصوص تجد المعادلة