للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وَالإطْرَاءُ» : المُبَالَغَةُ فِي المَدْحِ.

قال البخاري: باب ما يكره من التمادح، وذكر الحديث والذي بعده.

[١٧٨٩] وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أنَّ رجلاً ذُكِرَ عند النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْراً، فقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَيْحَكَ! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» يَقُولُهُ مِرَاراً: «إنْ كَانَ أحَدُكُمْ مَادِحاً لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَرَى أنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللهُ، وَلا يُزَكّى عَلَى اللهِ أحَدٌ» . متفق عليه.

قوله: «والله حسيبه» أي: محاسبه على عمله. والمعنى: فليقل: أحسب أن فلانًا كذا إن كان يحسب ذلك منه، والله يعلم سره؛ لأنه هو الذي يجازيه. ولا يقل: أتيقن، ولا أتحقق جازمًا بذلك، ولا يزكى على الله أحد، فإنه لا يعلم بواطن الأمور إلا الله.

قال تعالى: {فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم (٣٢) ] .

[١٧٩٠] وعن همام بن الحارث عن المِقْدَادِ - رضي الله عنه - أنَّ رَجُلاً جَعَلَ يَمْدَحُ عُثْمانَ - رضي الله عنه -، فَعَمِدَ المِقْدَادُ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَجَعَلَ يَحثو في وَجْهِهِ الحَصْبَاءَ. فقالَ لَهُ عُثْمَانُ: مَا شَأنُكَ؟ فقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ... «إذَا رَأَيْتُمُ المَدَّاحِينَ، فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ» . رواه مسلم.

قال الغزالي: آفة المدح في المادح أنه قد يكذب، وقد يرائي الممدوح بمدحه، ولا سيما إن كان فاسقًا أو ظالمًا. فقد جاء في حديث أنس رفعه: «إذا مُدِحَ الفاسق غضب الرب» . أخرجه أبو يعلى، وابن أبي الدنيا، وفي سنده ضعف. وقد يقول ما لا يتحققه مما لا سبيل له إلى الاطلاع عليه، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «

<<  <   >  >>