في هذه الآية: النهي عن الغيبة، وهي ذكرك المسلم بما يكره، وإن كان ذلك فيه.
قال ابن كثير: والغيبة محرمة بالإجماع، ولا يُستثنى من ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة. كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر:«ائذنوا له بئس أخو العشيرة» . وكقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقد خطبها معاوية، وأبو الجهم:«أما معاوية فصعلوك، وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» ، وكذا ما جرى مجرى ذلك، ثم بقيتها على التحريم الشديد، وقد ورد فيها الزجر الأكيد، ولهذا شبهها تبارك وتعالى بأكل اللحم من الإنسان الميت، كما قال عزَّ وجلّ:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} ... [الحجرات (١٢) ] ، أي: كما تكرهون هذا طبعًا، فاكرهوا ذاك شرعًا، فإن عقوبته أشد من هذا.
وهذا من التنفير عنها، والتحذير منها. كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العائد في هبته:«كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه» . وقد قال:«ليس منا مثل السوء» .