وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ - عز وجل - بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم.
معنى الحديث: لا يتعمق أحد في الأعمال الدينية، ويترك الرفق إلا عجز وانقطع عن عمله كله أو بعضه، فتوسطوا من غير إفراط، ولا تفريط، وقاربوا إن لم تستطيعوا العمل بالأكمل، فاعملوا ما يقرب منه، وأبشروا بالثواب على العمل الدائم وإنْ قل، واستعينوا على تحصيل العبادات بفراغكم ونشاطكم، قال الله تعالى:{فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح (٧، ٨) ] .
[١٤٦] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: دَخَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ:«مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ. فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «حُلُّوهُ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
في هذ الحديث: الحث على الاقْتِصاد في العبادة، والنهي عن التعمُّق فيها، والأمر بالإقبال عليها بنشاط، وجواز تنفُّل النساء في المسجد إذا أمنت الفتنة.