للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا الحديث: حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، وحلمه، وصبره، وعفوه، وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب (٢١) ] .

[٦٤٥] وعن أنس - رضي الله عنه - قَالَ: كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.

في هذا الحديث: مزيد حُسْن خُلُقِهِ - صلى الله عليه وسلم - وصبره على سوء أَدب هذا الأَعرابي الجافي، وحلمه - صلى الله عليه وسلم - فإنه عفا عن جنايته عليه، وزاد على العفو بالبشر والعطاء.

قال الشاعر:

بشاشة وجه المرء خير من القِري ... فكيف من يعطي القِري وهو يضحك

وفي رواية البيهقي: (ثم قال: يَا محمد مُر لِيَ من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك، ولا من مال أَبيك. فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «المال مال الله وأَنا عبده» .

وذكر في (الشفاء) أنه حمل له على بعير شعيرًا، وعلى الآخر تمرًا.

[٦٤٦] وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قَالَ: كأني أنظر إِلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْكِي نَبِيّاً مِنَ الأنبياءِ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُه عَلَيْهِمْ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ» . متفقٌ عَلَيْهِ.

<<  <   >  >>