وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة، فيريد تحققه فيتجسس ويبحث فنهي عن ذلك، وهذا موافق لقوله تعالى:{اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ} الآية [الحجرات (١٢) ] .
ودل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال: ابحث لأتحقق، قيل له:{وَلا تَجَسَّسُوا} . فإن قال: تحققت من غير تجسس، قيل له:{وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً} .
قال الخطابي: أي: لا تجسسوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها. وأصله بالمهملة من الحاسة، إحدى الحواس الخمس، وبالجيم من الجس بمعنى اختبار الشيء باليد، وهي إحدى الحواس الخمس، فتكون التي بالحاء أعم.
وقيل: هما بمعنى وذكر الثاني تأكيدًا كقولهم بعدًا وسحقًا.
وقيل: بالجيم، البحث عن العورات، وبالمهملة استماع حديث القوم.
وقيل: بالجيم، البحث عن بواطن الأمور، وأكثر ما يكون في الشر، وبالمهملة عما يدرك بحاسة العين أو الأُذن، ورجَّحه القرطبي.
قوله:«ولا تنافسوا» ، أي: في أمور الدنيا، فأما أمور الآخرة فقد أمر الله بالتنافس في أعمالها. قال تعالى:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين (٢٦) ] .
قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم» ، أي: اكتسبوا ما تصيرون به إخوة من التآلف والتحابب، وترك هذه المنهيات.
قوله:«المسلم أخو المسلم» ، لاجتماعهما في الإسلام. «لا يظلمه في نفسٍ، ولا مال، ولا عرض» . «ولا يخذله» ، أي:«لا يترك نصرته، وإعانته» . «ولا يحقره» ، أي: يهينه ولا يعبؤ به.
«التقوى ها هنا، التقوى ها هنا، التقوى ها هنا» ويشير إلى صدره، أي:«أن محلها القلب.»«بحسب امرئ من الشر» لعظمه وشدته عند الله. «لأن يحقر أخاه