ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي فقال:{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة (٢٦٤) ] .
وفيه: إيماء إلى أنَّ الرياء من صفة الكفار، فعلى المؤمن أن يحذر منها.
قال ابن كثير: يراؤون الناس: أي: لا إخلاص لهم، ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة، ولهذا يتخلَّفون كثيرًا عن الصلاة، التي لا يُرون فيها غالبًا، كصلاة العشاء، وصلاة الصبح.
وقوله:{وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلا قَلِيلاً} [البقرة (١٤٢) ] ، أي: في صلاتهم لا يخشعون، ولا يدرون ما يقولون، بل هم في صلاتهم ساهون لاهون، وعما يراد بهم من الخير معرضون.
وروى الإِمام أحمد، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس فيرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلا قليلاً» .
[١٦١٦] وعن أَبي هريرة - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولُ:«قَالَ الله تَعَالَى: أنَا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» . رواه مسلم.
فيه: أن الرياء من الشرك، وهو يحبط ثواب العمل الذي قارنه.