الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي: بعده.
{وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: ٨١] مع محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى تبوك، {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} [التوبة: ٨١] يعلمون أن مصيرهم إليها، فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا في الدنيا لأن الدنيا تفنى وتنقطع، وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا في النار بكاء لا انقطاع له، قال الحسن: هذا وعيد من الله لهم.
وقال ابن عباس: إن أهل النفاق ليبكون في النار عمر الدنيا، فلا يرقأ لهم دمع، حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت.
وقوله: {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التوبة: ٨٢] أي: في الدنيا من النفاق والتكذيب، {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: ٨٣] قال ابن عباس: إن ردك الله إلى المدينة.
{إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: ٨٣] يعني المنافقين الذين تخلفوا بغير عذر، فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ معك إلى الغزو، {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٣] إلى غزاة، {وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا} [التوبة: ٨٣] من أهل الكتاب، {إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ} [التوبة: ٨٣] عني، أَوَّلَ مَرَّةٍ حين لم تخرجوا إلى تبوك، {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: ٨٣] قال الحسن، والضحاك، وقتادة: يعني: النساء والصبيان، وهم الذين يخلفون الذاهبين إلى السفر، يقال: خلفه يخلفه.
إذا قام بعده.
قوله: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤]
٤٢٤ - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصُّوفِيُّ، نا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَحْمَدَ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ أَخُو ابْنِ اللَّيْثِ، نا السَّكُونِيُّ، نا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ؟ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللَّهُ، فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ " قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] الآيَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ كِلاهُمَا، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ
قال الزجاج: إنما أجاز رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة عليه لأن ظاهره كان الإسلام، فأعلمه الله أنه إذا علم منه النفاق فلا صلاة عليه.
وقوله: {وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: ٨٤] كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له، فنهى عن ذلك في حق المنافقين لأنهم كفرة، وهو قوله: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ٨٤] الآية.
{وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ} [التوبة: ٨٥] تقدم تفسيره في هذه ال { [.