قوله:{وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة: ١٠٨] أي: من الشرك والأنجاس والأقذار والنفاق، وقوله:{أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ}[التوبة: ١٠٩] البنيان: مصدر يراد به المبنى ههنا، والتأسيس إحكام أسس البناء وهو أصله، وقرأ نافع: أُسس بضم الألف بنيانُه رفعا، وهذا في المعنى الأول لأنه إذا أسس بنيانه، فتولى ذلك غيره بأمره كان كبنائه، والمعنى: المؤسس بنيانه متقيا يخاف الله ويرجو ثوابه ورضوانه خَيْرٌ؟ أم المؤسس بنيانه غير متق؟ وهو قوله:{أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ}[التوبة: ١٠٩] وشفا الشيء حرفه، والجرف ما يجرفه السيل من الأودية، وهو جانبها الذي ينحفر بالماء أصله فيبقى واهيا، وهار مقلوب من هاير، يقال: هار الجرف يهور.
إذا انشق من خلفه وهو ثابت بعد في مكانه فهو هاير، ثم يقلب فيقال: هار، قال الزجاج: المعنى: أن من أسس بنيانه على التقوى خير ممن أسس بنيانه على الكفر.
يعني: أن بناء هذا المسجد الذي بني ضرارا كبناء على حرف جهنم يتهور بأهله فيها، وهو قوله: فَانْهَارَ بِهِ أي: بالباني {فِي نَارِ جَهَنَّمَ}[التوبة: ١٠٩] قال ابن عباس: يريد: صيرهم النفاق إلى النار.
وقوله:{لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ}[التوبة: ١١٠] قال الضحاك: يقول: لا يزالون في شك منه إلى الموت.
والمعنى: أنهم لا يزالون شاكين مترددين في الحيرة يحسبون أنهم كانوا في بنائه محسنين إلى الممات، وهو قوله:{إِلا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ}[التوبة: ١١٠] أي: حتى تقطع