منعوا من كلامهم ومعاملاتهم، وأمر أزواجهم باعتزالهم، وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معرضا عنهم.
وقوله:{وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ}[التوبة: ١١٨] يعني: ضيق صدورهم بالهم الذي حصل فيها، وَظَنُّوا أيقنوا، {أَنْ لا مَلْجَأَ}[التوبة: ١١٨] لا معتصم مِنَ الله من عذاب الله، إِلا إِلَيْهِ الآية، {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ١١٨] إعادة للتوكيد لأن ذكر التوبة على هؤلاء قد مضى في قوله: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}[التوبة: ١١٨] ، ومعنى {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}[التوبة: ١١٨] لطف لهم في التوبة ووفقهم لها.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ {١١٩} مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {١٢٠} وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {١٢١} وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ {١٢٢} } [التوبة: ١١٩-١٢٢] قوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}[التوبة: ١١٩] روينا أن هذه الآية نازلة في كعب بن مالك وصاحبيه، وقال الكلبي، ومقاتل: يعني: مؤمني أهل الكتاب يأمرهم بالجهاد وأن يكونوا مع المهاجرين، وسمى الله المهاجرين في هذه السورة صادقين.
وقال نافع: يريد بالصادقين محمدا والأنبياء.
وقال الزجاج: والمعنى: على أنهم أمروا بأن يكونوا مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشدة والرخاء.