وهذا اختيار الفراء، والزجاج قالا: ويدل على صحة هذا قوله: {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ}[يونس: ٦٤] .
قال ابن عباس: لا خلف لمواعيده، وذلك أن مواعيده بكلماته، فإذا لم تبدل كلماته لم تبدل مواعيده.
قوله تعالى:{وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ}[يونس: ٦٥] ولا يحزنك إنكارهم وتكذيبهم وتظاهرهم عليك في العداوة، وتم الكلام ثم ابتدأ فقال:{إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}[يونس: ٦٥] أي: الغلبة له، وهو ناصرك وناصر دينك، والمعنى: أنه الذي يعزك حتى تصير أعز ممن ناوأك، {هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[يونس: ٦٥] يسمع قولهم، ويعلم ضميرهم فيجازيهم بما يقتضيه حالهم، {أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ}[يونس: ٦٦] أي: إنه يفعل بهم وفيهم ما يشاء، {وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ}[يونس: ٦٦] أي: ما يتبعون شركاء على الحقيقة لأنهم يعدونها شركاء لله، شفعاء لهم، وليست على ما يظنون، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ}[يونس: ٦٦] يعني: ظنهم أنها تشفع لهم يوم القيامة، {وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}[يونس: ٦٦] ما هم إلا كاذبون فيما يزعمون.
قوله:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}[يونس: ٦٧] أي: ليزول التعب والكلال بالسكون فيه، وَجعل النَّهَارَ مُبْصِرًا، مضيئا لتهتدوا به في حوائجكم، {إِنَّ فِي ذَلِكَ}[يونس: ٦٧] الذي فعل، {لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}[يونس: ٦٧] سماع اعتبار أنه مما لا يقدر عليه إلا عالم قادر.
{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {٦٨} قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ {٦٩} مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ {٧٠} } [يونس: ٦٨-٧٠]{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}[يونس: ٦٨] يعني: زعم المشركون أن الملائكة بنات الله، سُبْحَانَهُ تنزيها له عما قالوا، هُوَ الْغَنِيُّ أن تكون له زوجة وولد، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}[يونس: ٦٨] عبيدا أو ملكا، {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا}[يونس: ٦٨] ما عندكم من حجة بما تقولون، ثم أنكر عليهم ذلك، فقال:{أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ {٦٨} قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [يونس: ٦٨-٦٩] لا يسعدون في العاقبة وإن اغتروا بطول السلامة، {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا}[يونس: ٧٠] أي: لهم متاع في الدنيا يتمتعون به أياما يسيرة، {ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ}[يونس: ٧٠] في الآخرة، {ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ}[يونس: ٧٠] الغليظ الذي لا ينقطع، {بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس: ٧٠] .