فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي} [يوسف: ٦٠] ، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا}[يوسف: ٦٣] بنيامين نَكْتَلْ نأخذ الطعام بالكيل، وقال الزجاج: أي: إن أرسلته اكتلنا وإلا منعنا الكيل.
وقرئ بالياء على معنى: يأخذ أخونا بنيامين وقر بعير يكال له {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[يوسف: ٦٣] من أن يصيبه سوء أو مكروه.
قَالَ يعقوب {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ}[يوسف: ٦٤] يقول: لا آمنكم على بنيامين إلا كأمني على يوسف، يريد: أنه لم ينفعه ذلك الأمن، وأنهم خانوه، فهو وإن أمنهم في هذا خاف خيانتهم أيضا، ثم قال:{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا}[يوسف: ٦٤] أي: من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم، والمعنى: حفظ الله خير من حفظكم ومن قرأ {حَافِظًا}[يوسف: ٦٤] فالمعنى: حافظ الله خير من حافظكم لأن الله سبحانه له حفظه فحافظه خير من حافظكم، كما أن حفظه خير من حفظكم، قال كعب: لما قال يعقوب: فالله خير حافظا.
قال الله عز وجل: وعزتي لأردن عليك كليهما بعد ما توكلت علي.
قوله:{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ {٦٥} قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ {٦٦} } [يوسف: ٦٥-٦٦]{وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ}[يوسف: ٦٥] يعني: أوعية الطعام وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ التي حملوها لثمن الطعام {رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي}[يوسف: ٦٥] ، ما استفهام، والمعنى: أي شيء نريد وقد ردت إلينا بضاعتنا؟ ويجوز أن يكون نفيا كأنهم قالوا: ما نبغي شيئا {هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا}[يوسف: ٦٥] أي: لسنا نطلب منك دراهم نرجع بها إليه، بل تكفينا في الرجوع إليه بضاعتنا هذه، وأرادوا بهذا الكلام أن يطيبوا نفس أبيهم على الإذن لهم بالمعاودة، وقوله: وَنَمِيرُ أَهْلَنَا أي: نجلب إليهم الطعام، يقال: مار أهله يميرهم ميرا.
إذا أتاهم بطعام وَنَحْفَظُ أَخَانَا بنيامين {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}[يوسف: ٦٥] لأنه كان يكال لكل رجل وقر بعير {ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ}[يوسف: ٦٥] على هذا الرجل الذي نأتيه لسخائه وحرصه على البذل، قَالَ يعقوب لهم: لن أرسل بنيامين معكم {حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ}[يوسف: ٦٦] حتى تعطوني عهدا موثوقا به من جهة إشهاد الله والقسم به، والمعنى: حتى تحلفوا بالله لَتَأْتُنَّنِي بِهِ لتردنه إلي {إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}[يوسف: ٦٦] قال مجاهد: إلا أن تموتوا كلكم.
قال ابن إسحاق: إلا أن يصيبكم أمر يذهب بكم جميعا فيكون ذلك عذرا لكم عندي.
والعرب تقول: أحيط بفلان.
إذا دنا هلاكه، ومنه قوله:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ}[الكهف: ٤٢] أي: أصابه ما أهلكه {فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ}[يوسف: ٦٦] فلما أعطوه اليمين والعهد قَالَ يعقوب: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}[يوسف: ٦٦] قال ابن عباس: شهيد.
وذلك أن الشهيد وكيل بمعنى: أنه موكول إليه القيام بما أشهد عليه، ولما تجهز بنوه للمسير، قال يعقوب: {