قال أصحاب الأخبار: لما قال يوسف لبنيامين: إني أنا أخوك، قال: فأنا لا أفارقك بعد هذا.
قال يوسف: قد علمت اغتمام الوالد بي وأنا إن حبستك عنه ازداد غمه ولا يمكنني حبسك إلا بعد أن أشهرك بأمر فظيع.
قال: لا أبالي، فافعل ما بدا لك.
قال: فإني أدس صاعي هذا في رحلك، ثم أنادي عليك بالسرقة ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك.
فذلك قوله:{جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}[يوسف: ٧٠] وكان مشربة يشرب منها الملك جعلها يوسف مكيالا لئلا يكال بغيرها، ثم ارتحلوا، وأمهلهم يوسف حتى أمعنوا في الطلب، ثم أمر بهم فأدركوا وحبسوا {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ}[يوسف: ٧٠] نادى مناد وأعلم معلم: أَيَّتُهَا الْعِيرُ قال الزجاج: معناه: يا أصحاب العير وكل ما أشير عليه من الإبل والحمير والبغال فهو عير.
إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ناداهم المنادي وعنده: أنهم قد سرقوا السقايا، ولم يعلم أن يوسف أمر بوضعها في رحل أخيه.
قَالُوا يعني: أصحاب العير وهم إخوة يوسف وَأَقْبَلُوا على أصحاب يوسف: مَاذَا تَفْقِدُونَ ما الذي فقدتموه من متاعكم {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}[يوسف: ٧٢] قال الزجاج: الصواع: هو الصاع بعينه وهو يذكر ويؤنث وهو السقاية.