يقول: لو كشف لهؤلاء عن أبصارهم حتى يعاينوا بابا في السماء مفتوحا تصعد فيه الملائكة لصرفوا ذلك إلى أنهم سحروا، وهو قوله:{لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا}[الحجر: ١٥] قال مجاهد: سدت بالسحر، فيخايل لأبصارنا غير ما نرى.
وأصله من السكر وهو سد الشق لئلا ينفجر الماء، فكأن الأبصار منعت من النظر كما يمنع الماء من الجري، والتشديد لذكر الأبصار، {بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ}[الحجر: ١٥] سحرنا محمد، فنحن نرى ما لا حقيقة له.
وزيناها بالشمس والقمر والنجوم، للناظرين للمعتبرين بها والمستدلين على توحيد صانعها.
{وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ}[الحجر: ١٧] معنى الرجم في اللغة الرمي بالحجارة، ثم قيل للعنِ والطردِ والإبعادِ رَجْمٌ، لأن الرمي بالحجارة يوجب هذه المعاني، والرجيم: الملعون المطرود المبعد.
وقال أبو عبيدة: الرجيم المرجوم بالنجوم.
بيانه قوله: رجوما للشياطين قال ابن عباس: كانت الشياطين لا تحجب عن السموات، وكانوا يدخلونها ويتحرون أخبارها، فلما ولد عيسى منعوا من ثلاث سموات، فلما ولد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعوا من السموات كلها، فما منهم من أحد يريد استراق السمع إلا رمي بشهاب.
فذلك قوله:{إِلا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ}[الحجر: ١٨] وذلك أن المارد من الشياطين يعلو لاستراق السمع، فيرمى بالشهاب، وهو قوله: فأتبعه أي لحقه، شهاب مبين شعلة نار ظاهرة