يسأل العباد كلهم يوم القيامة، عن خلتين عما كانوا يعبدون، وماذا أجابوا المرسلين.
وأما قوله: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ} [الرحمن: ٣٩] الآية، أي: لا يسألون سؤال استفهام ليعلم ذلك من جهتهم.
قوله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: ٩٤] قال الزجاج: يقول أظهر ما تؤمر به، أخذ من الصديع وهو الصبح.
وقال المفسرون: اجهر بالأمر أي بأمرك، يعني إظهار الدعوة، وما زال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستخفيا حتى نزلت هذه الآية، {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: ٩٤] لا تبال بهم ولا تلتفت إلى لومهم إياك على إظهار الدعوة.
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٥] الذين كانوا يستهزئون بك وبالقرآن، وكانوا جماعة يؤذون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وأبو زمعة، وهو الأسود بن المطلب، والحارث بن عيطلة، والأسود بن عبد يغوث، والحارث بن عدي، فأومأ جبريل بإصبعه إلى ساق الوليد، وإلى عيني أبي زمعة، وإلى رأس الأسود، وإلى بطن الحارث، وقال للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كفيت أمرهم» .
فمر الوليد على قين لخزاعة، وهو يجر ثيابه، فتعلقت بثوبه شوكة، فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها، وجعل يضرب ساقه فخدشته، فلم يزل مريضا حتى قطع إنسياه، فلم يزل حتى مات، ووطئ العاص على شبرقة، فحكت رجله، فلم يزل يحكها حتى مات، وعمي أبو زمعة، وأخذت الأكلة في رأس الأسود، وأخذ الحارث الماء في بطنه فمات خبثا، يعني استسقاء.
ثم وصفهم بالشرك، فقال: {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: ٩٦] وعيد لهم وتهديد.
ثم عزى نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر: ٩٧] من تكذيبك والاستهزاء بك.
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ} [الحجر: ٩٨] قال الضحاك: قل سبحان الله وبحمده.
{وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: ٩٨] قال ابن عباس: من المصلين.
وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: ٩٩] قال جماعة المفسرين: يعني الموت، وسمي الموت